الأحد، 28 ديسمبر 2025

نهاية الانتداب النقابي والالتحاق بأماكن العمل قبل 4 جانفي2026


نهاية الانتداب النقابي والالتحاق بأماكن العمل قبل 4 جانفي2026



في بيان توضيحي بخصوص دعوة الوزارة للنقابات بضرورة تسوية وضعيتها القانونية بشأن الانتدابات
على إثر الإجراء الذي قامت به وزارة التربية الوطنية من خلال مديريات التربية والمتمثل في دعوة جميع أعضاء المنظمات النقابية سواء على المستوى الوطني أو الولائي إلى ضرورة تسوية وضعيتهم القانونية وفق ما يقضي به القانون 23-02 المتعلّق بممارسة الحق النقابي بخصوص وضعية الانتداب.
وبعد رصد بعض التفسيرات غير الصحيحة ومحاولات تغليط الرأي العام حول حقيقة الموضوع، فإن وزارة التربية الوطنية توضّح ما يلي:
1 ـ نظّم القانون 23-02 الصادر بتاريخ 25-04-2023 مسألة "الانتداب" بطريقة واضحة وصريحة في نص المادة 119 منه، الفقرة 03 التي تنصّ على ما يلي: *(يترتب على الانتداب تعليق علاقة العمل وتكون أجرة المنتدب على عاتق المنظّمة النقابية المعنية)*.
ونظرا لكون أعضاء المنظّمات النقابية حاليا لا هم حاملين لانتدابات وفق القانون ولا هم يزاولون نشاطهم الأصلي في مؤسساتهم التربوية في مقابل الأجر الذي يتقاضونه من الوزارة.
وعليه، فإن وزارة التربية الوطنية قامت بدعوتهم لتسوية وضعيتهم القانونية فقط لحمايتهم (لأنّهم في وضعية غير قانونية) وليس للتضييق عليهم.
2 ـ تؤكّد وزارة التربية الوطنية أنّ دعوتها لأعضاء المنظّمات النقابية لتسوية وضعيتهم القانونية هي دعوة لهم إمّا لاستيفاء إجراءات الانتدابات من منظّماتهم النقابية لفائدتهم، وإمّا مباشرة نشاطهم الأصلي في مؤسساتهم التربوية.
3 ـ تؤكّد وزارة التربية الوطنية أنّ هذا الإجراء لا يؤثّر إطلاقا ولا يمسّ بالحقّ في ممارسة الحق النقابي، بل تؤكّد الوزارة أنّ أبوابها مفتوحة دائما وفق ما ينصّ عليه القانون وأنّها مستعدّة للتعاون والتنسيق الدّائم دون مخالفة القانون.


 ملخص خاص بوضعية الانتداب 
🌐قانون 23–02 المتعلق بممارسة الحق النقابي (2023)
إلغاء وضعية الانتداب وتسديد أجور النقابيين:

يُعدّ الحق النقابي من الحقوق الأساسية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمفهوم دولة القانون والعدالة الاجتماعية، إذ يمثّل أداةً تنظيمية للدفاع عن المصالح المهنية والاقتصادية والاجتماعية للعمال، وضمانًا للتوازن داخل علاقات العمل. وقد كرّس المشرّع الجزائري هذا الحق دستوريًا، انسجامًا مع المعايير الدولية، ولا سيما اتفاقيات منظمة العمل الدولية.
غير أن صدور القانون رقم 23–02 المؤرخ في 25 أفريل 2023 المتعلق بممارسة الحق النقابي، وما ترتّب عنه من إجراءات تطبيقية، خاصة إلغاء وضعية الانتداب النقابي (الوضع تحت التصرف)، وتحميل التنظيمات النقابية مسؤولية تسديد أجور مسؤوليها المنتدبين، أثار مخاوف حقيقية داخل الأوساط العمالية، لما ينطوي عليه من تراجع فعلي عن مكتسبات تاريخية، وتهديد مباشر لاستقلالية العمل النقابي.
تهدف هذه الدراسة إلى تقديم قراءة تحليلية نقدية لهذا التحول التشريعي، مع بيان مظاهر التعسف المحتملة، وآثاره على الممارسة النقابية، ومدى انسجامه مع الدستور والاتفاقيات الدولية.
أولًا: الإطار الدستوري والقانوني للحق النقابي
1. الحق النقابي في الدستور الجزائري
نصّ دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية (تعديل 2020) صراحة على:
ضمان حرية إنشاء المنظمات النقابية.
حماية ممارسة النشاط النقابي من كل أشكال التضييق غير المبرر.
ويُستفاد من ذلك أن المشرّع ملزم بأن يكون التنظيم القانوني للحق النقابي وسيلة حماية وتوسيع، لا أداة تقييد أو إفراغ من المضمون.
2. الأهداف المعلنة لقانون 23–02
جاء القانون 23–02 بهدف:
تنظيم الممارسة النقابية.
تعزيز الشفافية والاستقلالية.
ضبط العلاقة بين النقابة والمستخدم.
غير أن القراءة المتأنية لبعض مواده، مقرونةً بكيفية تطبيقها، تكشف عن تناقض بين المقاصد المعلنة والآثار الواقعية.
ثانيًا: إلغاء وضعية الانتداب النقابي (الوضع تحت التصرف)
1. الانتداب النقابي: المفهوم والوظيفة
يُقصد بالانتداب النقابي تمكين المسؤول النقابي من:
التفرغ لمهامه التمثيلية.
الاحتفاظ بمنصبه الأصلي وأجره.
الحماية من الضغوط المهنية والإدارية.
وقد شكّل هذا الإجراء، تاريخيًا، ضمانة أساسية لاستقلال العمل النقابي وفعاليته.
2. مضمون الإجراء الجديد
استنادًا إلى تطبيقات القانون 23–02، تم:
إلغاء وضعية الانتداب لجميع رؤساء التنظيمات النقابية.
شمول أعضاء المكاتب الوطنية والولائية بالإجراء.
إلزام المعنيين بتسوية وضعياتهم قبل 31 ديسمبر 2025.
فرض الالتحاق الإجباري بمناصب العمل يوم 04 جانفي 2026.
وهو ما يمثل قطيعة مفاجئة مع آلية تنظيمية مستقرة دون توفير بدائل واقعية.
ثالثًا: تسديد أجور النقابيين عبر التنظيمات النقابية
1. التحول في مصدر الأجر
بموجب التفسير المعتمد:
“تسديد أجور المنتدبين يكون على مستوى نقاباتهم ومنخرطيهم”.
ويعني ذلك نقل عبء الأجور:
من المستخدم (الدولة أو المؤسسة).
إلى النقابة، باعتبارها تنظيمًا تطوعيًا غير ربحي.
2. الإشكالات القانونية والاجتماعية
يطرح هذا التوجه عدة إشكالات، من بينها:
المساس بمبدأ تكافؤ الفرص بين النقابات.
ربط الفعل النقابي بالقدرة المالية لا بالتمثيل الحقيقي.
إضعاف النقابات المستقلة والناشئة.
تحويل النقابة من إطار نضالي إلى كيان مثقل بالأعباء المالية.
رابعًا: مظاهر التعسف في تطبيق الإجراء
1. التعسف في استعمال السلطة
يتجلى التعسف في:
فرض آجال زمنية قصيرة لتسوية وضعيات مهنية معقدة.
غياب تدابير انتقالية تحمي المكتسبات.
تجاهل خصوصية النشاط النقابي كوظيفة تمثيلية لا تجارية.
2. المساس بالأمن المهني للنقابي
تهديد الاستقرار الوظيفي.
تعريض النقابيين للضغط الإداري.
فتح المجال لممارسات انتقامية غير مباشرة.
خامسًا: أثر الإجراء على الممارسة النقابية
1. إضعاف العمل النقابي
من أبرز الآثار المتوقعة:
تقلّص التفرغ النقابي.
تراجع التأطير والمرافقة الميدانية.
عزوف الكفاءات عن تحمّل المسؤوليات النقابية.
2. اختلال التوازن في علاقات العمل
تقوية موقع المستخدم على حساب العمال.
إضعاف الحوار الاجتماعي.
تصاعد النزاعات بدل تسويتها.
سادسًا: مدى انسجام القانون مع المعايير الدولية
1. اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87
تنص على:
“حق المنظمات النقابية في تنظيم أنشطتها وإدارتها دون تدخل من السلطات العامة”.
2. أوجه التعارض
☆تدخل غير مباشر في تسيير النقابات.
☆تقييد وسائل العمل النقابي.
☆إفراغ الحق النقابي من محتواه العملي.
ال️خاتمة:
إن إلغاء وضعية الانتداب النقابي، وربط تسديد أجور النقابيين بقدرة التنظيمات على التمويل، يمثّل تحولًا تشريعيًا خطيرًا من منطق الحماية إلى منطق التضييق، ويهدد بإضعاف العمل النقابي بدل ترقيته.
وعليه، توصي هذه الدراسة بـ:
●إعادة النظر في آليات تطبيق القانون 23–02.
●الإبقاء على الانتداب النقابي بصيغ متوازنة.
●إشراك الشركاء الاجتماعيين في تفسير النصوص.
●مواءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات الدولية.
المراجع
دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، تعديل 2020.
القانون رقم 23–02 المؤرخ في 25 أفريل 2023، المتعلق بممارسة الحق النقابي.
منظمة العمل الدولية، الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية، 1948.
عبد القادر فضيل، الحق النقابي في التشريع الجزائري، دار الهدى، 2019.
عمار بوحوش، العلاقات المهنية والحوار الاجتماعي، الجزائر، 2017.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق